الجامع الأقمر بشارع المعز بالقاهرة
بقلم احمد جمعه مصطفي ..استاذ التاريخ
من أجمل وأشهر مساجد العصر الفاطمى رغم صغر مساحته وتعود شهرته لواجهته الحجرية التى نفذت عليها الكثير من النقوش والكتابات والزخارف التى كانت سببا فى شهرة الجامع يقع هذا الجامع فى منطقة النحاسين بشارع المعز بناه الوزير المأمون بن البطائحى بأمر من الخليفة الآمر بأحكام الله أبى منصور وذلك عام 519 هجرية 1125 م وهو أول جامع فى القاهرة حوت واجهته تصميما هندسيا بديعا وهو أول جامع تشيد فيه الواجهة موازية لخط تنظيم الشارع بدلا من أن تكون موازية لصحن الجامع ذلك لكى تصير القبلة متخذة وضعها الصحيح ولهذا نجد أن داخل الجامع به انحراف بالنسبة للواجهة الرئيسية
الجامع صغير المساحة وهو من أصغر مساجد القاهرة والعصر الفاطمى يكون من صحن أوسط مكشوف سماوى أبعاد 9 × 10م ويحيط بالصحن من جهاته الأربعة أربعة أروقة أكبرها رواق القبلة والذى يتكون من ثلاثة صفوف من البوائك أما الجهات الثلاث الأخرى فيضم كا منها رواق واحد وواجهة الجامع ليست موازية للحائط الشمالى الغربى للجامع بل تقطعه فى زاوية حادة مقدراها 21 درجة وذلك حتى يحافظ المعمارى على خط تنظيم الطريق والشارع أمام الجامع وقد استغل المعمارى الفراغ الناتج بين الحائط الشمالى الغربة وواجهة الجامع فى بناء غرفتين
والظاهرة الغريبة فى الجامع هى تغطية الأروقة بقباب ضحلة ترتكز على مناطق لنتقال من المثلثات الكروية أما رواق القبلة فهو مغطى بسقف خشبى مسطح
ولقد شيدت جدران الجامع وواجهته من الحجارة البيضاء ولذلك فقد عرف بالجامع الأقمر نسبة للحجارة البيضاء التى تشبه القمر
وواجهة الجامع فريدة من نوعها وقد زينها الفنان بالكثير من الزخارف والنقوش منها الزخارف الاشعاعية كما يعلو الباب طاقة كبيرة تتوسطها دائرة صغيرة كتب بها اسم محمد صلى الله عليه وسلم وعلى رضى الله عنه يحيط بهما ثلاث حلقات بالوسطى منها بعض الآيات القرآنية بالاضافة إلى أشكال المحاريب التى تتدلى من قمتها مشكاوات وهى أول مثل زخرفى بمساجد القاهرة كما أن هذة الواجهة ظهر فيها ولأول مرة استعمال المقرنصات فى الزخرفة والتى لم تظهر من قبل إلا فى مسجد الجيوشى
وفى العصر المملوكى اهتم بعض الأمراء بالجامع ولقد أشار المؤرخ المقريزى فى كتابه المواعظ والاعتبر بذكر الخطط والآثار الى ذلك فقال: «فلما كان في شهر رجب سنة تسع وتسعين وسبعمئة، جدده الأمير الوزير المشير الأستادار يلبغا بن عبدالله السالمي، أحد المماليك الظاهرية، وأنشأ بظاهر بابه بالبحري حوانيت يعلوها طباق، وجدد في صحن الجامع بركة لطيفة يصل إليها الماء من ساقية، وجعلها مرتفعة ينزل منها الماء إلى من يتوضأ من صنابير نحاس ونصب فيه منبرا) ً».
ولقد تم تسجيل هذة العمارة فى لوحة تعلو محراب الجامع نصها ( بسم الله الرحمن الرحيم« فَانظُرْ إلى آثَارِ رحمة اللَّهِ كَيْفَ يُحْييِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»، أمر بعمل المنبر والمنارة وغيره بعد اندراسه في أيام مولانا الملك الظاهر أبو سعيد برقوق، حرس الله نعمته العبد الفقير إلى الله تعالى أبو المعالي عبدالله يلبغا السالمي الحنفي الصوفي، لطف الله به في الدارين، وجعله في شهر رمضان المعظم سنة تسع وتسعين وسبعمئة وكان بني- وصحته بناء- هذا الجامع في أيام الخليفة الآمر بأحكام الله بن المستعلي بالله في سنة تسع عشرة وخمسمئة من الهجرة النبوية )
إن الجامع الأقمر على صغر مساحته حوى من الزخارف والنقوش والحيل المعمارية ما جعله من أشهر وأهم مساجد القاهرة ليس فى العصر الفاطمى فحسب ولكن على مستوى العمارة الاسلامية بمصر فبراعة المعمار فى التوفيق بين واجهة الجامع وخط تنظيم الطريق دون أن يؤثر على اتجاه القبلة
كما أن صغر مساحة الجامع ووجود أسماء وألقاب الوزير المأمون البطائحى بجوار أسماء الخليفة الآمر يؤكد ويدل على ازدياد سلطة الوزراء فى أواخر العصر الفاطمى والذى عرف بعصر الوزراء العظام الذين أصبح لهم نفوذ واسع بل أصبحوا هم الحكام الفعليين لمصر
المسجد مسجل فى عداد الآثار الاسلامية بالقاهرة برقم 33