الانسان ..... والدنيا
بقلم دكتور فوزي الحبال
الإنسان هو الكائن الوحيد القادر على أن يرتفع على ذاته أو يهوى دونها، على عكس الملائكة والحيوانات، فالملائكة لا تملك إلا أن تكون ملائكة، والحيوانات هي الأخرى لا تملك إلا أن تكون حيوانات .
أما الإنسان فقادر أن يرتفع إلى النجوم أو أن يغوص في الوحل و غالباً يُفتن النّاسُ بأثنين، بجاهلٍ بذيءٍ يُدافع بجهله وسوءِ خُلُقه عن حقٍّ أبلج .
وبعَليم اللسان حَسَن المنطقِ والبيان، يُحاجِج عن باطلٍ بيّن، فاللهمّ أرنا الحقّ واعصمنا من الزّلل .
ولذا، فالنّاسُ يُعرفون بالحقّ، ولا يُعرف الحقُّ بالنّاس .
أنت رائع حين تتجاهل من يسيء إليك، وكريم حين تأخذ أحزان غيرك، ومنصف حين تهتم بمن ﻻ يهتم بك، وجميل عندما تبتسم وفي قلبك حزن عظيم .
لا تبحث عن قيمتك في أعين الناس، ابحث عنها في ضميرك ، فإذا ارتاح الضمير، ارتفع المقام وإذا عرفت نفسك، فلا يضرك ما قيل فيك .
لاتحمل هم الدنيا فإنها لله، ولاتحمل همَّ الرزق فإنه من الله ، ولاتحمل هم المستقبل فإنه بيد الله، فقط احمل همًا واحدًا ، كيف ترضي الله ؟
لأنك لو أرضيت الله، رضي عنك وأرضاك وكفاك وأغناك .
سبحان الله، نتأمل في أنفسنا ونتأمل هنا وهناك فنجد قاعدةً واحدةً تتكرر، أن الدنيا لا تستقيم لإنسان أبداً، يأتيه المال ويفقد الطمأنينة، تأتيه الطمأنينة ويفقد المال، يأتيه المال والطمأنينة فيفقد الزوجة الصالحة، تأتيه الزوجة الصالحة فيفقد الأولا، يأتيه الأولاد لكن أخلاقهم سيئة، يأتيه الأولاد الأبرار لكن ليس لهم دخل يكفيهم، كلّ شيءٍ حوله على ما يُرام لكن صحّته معلولة ولا تفارقه الأسقام .
إن هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء، ومنزل ترحٍ لا منزل فرح، فمن عرفها لم يفرح لرخاء، ولم يحزن لشقاء، قد جعلها الله دار بلوى، وجعل الآخرة دار عقبى .
فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سبباً، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضاً، فيأخذ ليعطي، ويبتلي ليجزي .
إذاً هي دار التواء لا دار استواء، يعني لا تستوي أبداً ، مُحال أن تستقيم لك الأمور كلّها .
رُكِّبت هذه الدنيا على النقص رحمةً بنا ، و لو جاءت لك الأمور كما تشتهي فهذه أكبر مصيبة ، لأنه لو تمَّت لك الأمور كما تريد، لركنت إلى الدنيا ، ولكرِهت لقاء الله عزَّ وجلَّ .
اللهم الثبات حتى الممات، اللهم مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ورضنا من العيش بما قسمت لنا، اللهم امين .